رسالة أرسلها صلاح الدين إلى ملك القدس الصليبي الجديد بردويل معزياً ومهنئاً له بجلوسه على عرش القدس ، وذلك قبل تحريرهاأما بعد : خص الله الملك المعظم حافظ بيت المقدس بالجد الصاعد والسعد الساعد والحظ الزائد والتوفيق الوارد ، وهنأه من ملك قومه ما ورثه ، وأحسن من هداه فيما أتى به الدهر وأحدثه ، فإن كتابنا صادر إليه عند ورود الخبر بما ساء قلوب الاصادق ، والنعي الذي وددنا أن قائله غير صادق بالملك العادل الأعز الذي لقاه الله خير ما لقي مثله وبلغ الأرض سعادته كما بلغه محله ، معزيا بما يجب فيه العزاء ، ومتأسفاً لفقده الذي عظمت فيه الأرزاء . إلا أن الله سبحانه قد هون الحادث بأن جعل ولده الوارث . وأنسى المصاب بأن حفظ فيه النصاب ، ووهبه النعيمين : الملك والشباب ، فهنيئاً له ما حاز ، وسقياً لقبر والده الذي حق له الفداء لو جاز . ورسولنا الرئيس العميد مختار الدين ، أدام الله سلامته ، قائم عنا بإقامة العزاء من لسانه ، ووصف ما لنا من الوحشة لفراق ذلك الصديق وخلو مكانه ، وكيف لا يستوحشن رب الدار لفرقة جيرانه . وقد استفتحنا الملك بكتابنا وارتيادنا ، ووده الذي هو ميراثه عن والده من ودادنا ، فليلق التحية بمثلها ، وليأت الحسنة ليكون من أهلها ، وليعلم أنا له كما كنا لأبيه مودة صافية وعقيدة وافية ، ومحبة ثبت عقدها في الحياة والوفاة ، مع ما في الدين من المخالفات.فليسترسل إلينا استرسال الواثق الذي لا يخجل ، وليعتمد علينا اعتماد الولد الذي لا يحمل عن والده ما تحمل . والله يديم تعميره ، ويحرس تأميره ويقضي له بموافقة التوفيق . ويلهمه تصديق ظن الصديق .
صبح الأعشى ، للقلقشندى . ج 7 ، 115 – 116 .
صبح الأعشى ، للقلقشندى . ج 7 ، 115 – 116 .